أخبار ساخنة

هاني في افتتاح مؤتمر "زيتون لبنان شاهد على التاريخ ورؤية الى المستقبل" في بشعلة: القطاع الزراعي يحتاج إلى حوكمة قوية


البترون - رعى وزير الزراعة الدكتور نزار هاني المؤتمر الذي دعت اليه وزارة الزراعة، بالتعاون مع وباستضافة  بلدية بشعله في قضاء البترون، بمناسبة اليوم العالمي لشجرة الزيتون بعنوان "زيتون لبنان شاهد على التاريخ ورؤية الى المستقبل".

وتخلّل يوم الزيتون جولة تعرّف خلالها الحضور على المتحف البيئي لثقافة الزيتون في بشعله، ومعرض المنتجات والحرفيات المرتبطة بالزيتون، من تنظيم جمعية دروب بشعله وفي حضور النائبين غياث يزبك وأديب عبد المسيح، ممثل النائب جبران باسيل انطوان العشي، المدير العام لوزارة الزراعة المهندس لويس لحود، المدير العام لوزارة السياحة المهندسة جومانا كبريت، قائمقام البترون روجيه طوبيا ممثلا محافظ الشمال، رئيس بلدية بشعله المهندس جورج الشدياق، مدير التنمية الريفية الدكتور شادي مهنا، مستشار وزير الزراعة مازن حلواني، رئيسة مصلحة زراعة الشمال المهندسة صونيا أبيض، رؤساء بلديات ومخاتير، عمداء كليات الزراعة في الجامعات، رؤساء نقابات وتعاونيات زراعية، فريق من مصلحة الابحاث العلمية الزراعية، مزارعي الزيتون ومنتجي زيت الزيتون في لبنان ومهتمين.

وخلال الجولة قدمت عضو المجلس البلدي جوليانا جعجع شرحا عن الزيتون المعمر.

المؤتمر

وافتتح المؤتمر بالنشيد الوطني ثم قدم للحفل رئيس المركز الزراعي في البترون المهندس داني باسيل فتناول تاريخ شجرة الزيتون وانتاج الزيت "الذي يرجع إلى الواح الطين التي وجدت في آثار مملكة "إيبلا" (إلى الشمال الغربي من مدينة حلب حالياً)، والتي تعود إلى ما بين  2240 و2600 قبل الميلاد. على أساس ذلك يعتبر العالم السويسري Alphonse de Candolle في كتابه "أصول النباتات المزروعة" أن موطن زراعة شجرة الزيتون المثمر هو الساحل الفينيقي للمتوسط".

وقدم سردا تاريخيا في إشارة الى "أن زيت الزيتون هو "ابن أرضنا"، وأن كل قطرة منه تحمل ليس فقط نكهة طعامنا المميزة، إنما رسالة عراقـة وحضـارة وتاريخ من أرض فينيقيا إلى العالم. وعلى هذا الإرث نجتمع اليوم لنشهد لهذا التاريخ ونصوغ سوياً رؤية لبنان لمستقبل هذا المنتج."

الشدياق

اما رئيس بلدية بشعله فقال: "إن احتفالنا اليوم هو مسؤولية جماعية لحماية هذا الإرث الطبيعي والثقافي، وتعزيزه، واستثماره في تنمية ريفية وسياحة مستدامة تعود بالنفع على أهلنا وعلى لبنان.الزيتون رمز السلام. نعم، ولكنّه أيضًا رمز الصمود.في وجه التحديات الاقتصادية، في وجه التغيّرات المناخية، في وجه الهجرة والتراجع الزراعي، بقي الزيتون صامدًا، يعطي من دون كلل، ويعلّمنا معنى الثبات والتجذّر. ومن هنا وباسم بلدية بشعله أود أن أوجه تحية شكر لكل مزارع يعتني بهذه الشجرة المباركة، ولكل جمعية ومؤسسة وفاعل خير ساهم في إنجاح هذا النهار".

واعرب عن فخره "بتوقيع مذكرة التفاهم مع مشروع "طرق شجرة الزيتون" الأوروبي، التي جعلت من بشعله صلة وصل بين لبنان وشبكة دولية تُعنى بسياحة الزيتون وتطويرها."

وطالب "بدعم بشعله في تمثيل لبنان ضمن مشروع "طرق شجرة الزيتون" الأوروبي، وإشراك القرى ذات الأشجار المعمّرة، وفي طليعتها بشعله، ضمن الفريق الوطني لاستراتيجية الزيتون، لضمان حضور صوت المجتمعات الأكثر ارتباطًا بهذا القطاع."

وشدد على "تعزيز الشراكات والدعم في مجالات حماية الطبيعة والوقاية من الحرائق وإعادة التأهيل البيئي، خاصة بعد الحريق الكبير الذي شهدته البلدة في شهر أب."

وختم بالدعوة "لتجديد التزامنا بالأرض وبتراثنا. ولتبقَ شجرة الزيتون، كما كانت دائمًا، شجرة الخير والبركة والسلام."

ثم قدمت الدكتورة لميس شلق عرضا حول انتشار الزيتون المعمّر.

ليلو 

فكلمة عن بعد للمدير التنفيذي للمجلس الدولي للزيتون الدكتور خيمي ليلو عن شجر الزيتون وأهميته التاريخية، وقال: "كان من دواعي سروري الترحيب بالوزير هاني في مقر المجلس الدولي للزيتون في مدريد.  خلال هذه الزيارة الناجحة، استعرضنا معا الإمكانات الهائلة لقطاع الزيتون اللبناني، ووضعنا أسس مرحلة جديدة من التعاون، أكثر طموحا واستراتيجية وتركيزا على النتائج من أي وقت مضى. ولهذا السبب، قرر المجلس الدولي للزيتون - المنظمة الحكومية الدولية الوحيدة المُخصصة حصريا لأشجار الزيتون ومنتجاته، أن يكون لبنان أحد محاور عمله في السنوات المقبلة، وتتمثل مهمته في تعزيز زراعة الزيتون المستدامة، وتحسين الجودة، ومواءمة المعايير الدولية، ودعم البحوث، وتعزيز التعاون الدولي لصالح القطاع بأكمله".

أضاف: "يتيح وضع لبنان، كدولة عضو في المجلس الدولي للزيتون وكنائب لرئيس المجلس لعام ٢٠٢٦، فرصة قيمة، بالاستفادة من خبرات المجلس الدولي للزيتون، والمشاركة في العمل الفني، ومواءمة المعايير الدولية، وترويج منتجاته في الأسواق العالمية، وهذا يُسهم بشكل مباشر في تعزيز القدرة التنافسية وزيادة القيمة المضافة".

وأكد أن "المجلس الدولي للزيتون على أتم الاستعداد لدعم لبنان في بناء قطاع زيتون مستدام وحديث وتنافسي"، لافتا إلى أن "لبنان يتمتع بأصول استثنائية: أشجار زيتون عريقة، وتنوع بيولوجي غني، وتقاليد عريقة"، وقال: "نحن نؤمن إيمانا راسخا بأن هذا البلد لديه القدرة على أن يصبح قصة نجاح إقليمية".

أضاف: "يعكس برنامج اليوم، بما يتضمنه من ثلاث طاولات مستديرة حول قيمة أشجار الزيتون، والتقييم الحسي، وخطة التنمية الوطنية، رؤية شاملة واستشرافية للقطاع. ومن وجهة نظر المجلس الدولي لزيت الزيتون، فإن وجود استراتيجية وطنية قوية مبنية على التعاون بين كل الجهات المعنية أمر أساسي لتحقيق النجاح على المدى الطويل. وانطلاقا من ذلك، نتطلع إلى التحضير لزيارة رسمية مستقبلية للمجلس الدولي لزيت الزيتون إلى لبنان، والتي من شأنها تعزيز تعاوننا وإرسال إشارة قوية للاعتراف الدولي بقطاع الزيتون اللبناني".

وتابع: "يتمتع قطاع زيت الزيتون ببيئة مربحة. ووفقا للأرقام الأولية، سيحقق موسم 2024/2025 رقما قياسيا عالميا جديدا لكل من زيت الزيتون، بأكثر من 3.5 مليون طن، وزيتون المائدة بـ 3.3 مليون طن. كما وصلت صادرات زيت الزيتون إلى مستوى قياسي بلغ 1.3 مليون طن، بزيادة قدرها 27% عن الموسم السابق. ويتزايد عدد الأشخاص حول العالم الذين يكتشفون زيت الزيتون. وهناك طلب متزايد مع إمكانات تجارية جيدة، ويمكن للبنان أن يكون جزءا من هذا الهيكل العالمي".

وأردف: "يمتلك لبنان كل المقومات ليصبح أحد أبرز قصص نجاح المجلس الدولي للزيتون: تربة استثنائية، وإرث وراثي عريق، ومزارعون شغوفون، والآن إرادة سياسية متجددة على أعلى مستوى. إن المجلس الدولي للزيتون على أهبة الاستعداد لتسخير خبراته، وشبكته التي تضم أكثر من 40 دولة عضوا، وأدواته المالية للسير في هذا الطريق معكم".

وختم: "قبل أن أعطي الكلمة للوزير هاني، أود أن أتقدم له بجزيل الشكر على دعمه الأخير لإعلان قرطبة، حيث ناقشت 30 دولة ومنظمة دولية الفرص والتحديات التي تواجه القطاع، والتزمت تعزيز أشجار الزيتون ومنتجاته".

لحود

وكانت مداخلة مفصلة للمدير العام لحود عن واقع شجرة الزيتون والمساحات في لبنان والانتاج والاستهلاك. ثم عرض لأهمية قطاع زراعة الزيتون ودوافع التدخل معلقا اهمية كبرى على دور اللجنة الوطنية لقطاع الزيتون وانتاج الزيت. وشرح اهداف اللجنة ومنهجية عملها .

وختم: "الزيتون ارتبط بعمر لبنان وهو ليس مجرد زراعة  بل هو تراث وذاكرة وطن متجذر في التاريخ. شجرة الزيتون، رمز الصمود والوفاء، تقف شامخة في مواجهة العواصف وتتكيف مع تغيرات المناخ. تغنينا بثمارها وزيتها، وتوشح أغصانها برسائل السلام منذ فجر الحضارات. جذورها العميقة في تراب القرى والجبال تحكي قصة لبنان الأصيلة، قصة ثبات لا يعرف الانكسار."

ثم جرى عرض فيلم وثائقي حول الزيتون المعمّر في لبنان.

هاني

وكانت كلمة للوزير هاني أعرب فيها عن "سروره بالمشاركة في اليوم العالمي لشجرة الزيتون في بشعله "إيماناً منا بأن هذه السلسلة، سلسلة القيمة لزيت الزيتون وشجرة الزيتون، هي السلسلة الأكثر نضوجاً والأكثر نجاحاً ربما، في لبنان، بعد  العنب والنبيذ. وطبعاً النجاح الذي حققناه في قطاع النبيذ، إن شاء الله، نأمل بتحقيقه في قطاع الزيتون".

وأضاف: "لدينا في لبنان 13 مليون شجرة زيتون، وهذه الشجرة، هي شجرة عريقة، هي شجرة متجذرة في أرضنا، هي إرثنا، هي هويتنا، هي ثقافتنا. وكما تعلمون، ليس فقط شجرة الزيتون وزيتها، ومحصولها، هو مصدر دخل. ولكنه أيضاً، مصدر دخل أساسي للنشاطات الريفية وللنشاطات والسياحة الزراعية. وهذه النشاطات يجب أن تُساهم في ما لا يقل عن 20-25% من دخل المزارع، كما يحصل في دول الجنوب الأوروبي، كإسبانيا وكإيطاليا".

وتابع: "ولكن، لنسأل السؤال: كم تُنتِج شجرة الزيتون في لبنان اليوم؟ اليوم، أُجريَت دراسة في الشوف،  التي تُقدّر بحوالي مليون شجرة... معدل إنتاج الشجرة هو 10 كيلوغرامات، أي أنّ هناك إهمالا، هناك سوء إدارة، هناك الكثير من التخلف في هذا القطاع. وإذا أردنا أن ننتقل بهذا القطاع من قصة إهمال، إلى قصة نجاح، على مستوى إقليمي ودولي، يجب أن نعمل معاً.هذا هو هدف الخطة الزراعية الوطنية، هي خطة للتنمية وللازدهار. وهي خطة مبنية على 3 ركائز: المزارع والمستهلك، البيئة والازدهار. هذه الخطة، تُبنى اليوم عبر أكبر ورشة عمل وطنية تشاورية، في تاريخ وزارة الزراعة. تُبنى بالتعاون مع الأمم المتحدة، والوكالات الدولية، والجمعيات، والقطاع الخاص، والمنتجين، والمزارعين، والتعاونيات، والبلديات. وهي مُنبثقة عن لجان قطاعية مثل لجنة الزيتون وزيت الزيتون... وهذه اللجنة القطاعية، هي التي يجب أن تضع خريطة الطريق لكل هذه السلسلة. ومن المتوقع أن ننتهي من هذه الخطة وأن نُطلقها في شهر آذار."

ورأى ان "القطاع الزراعي في لبنان يحتاج إلى حوكمة قوية تمرّ عبر وزارة الزراعة، ومديرياتها الأربعة: الإدارة العامة، الأبحاث العلمية، التعاونيات، ومشروع الأخضر.هناك حاجة ماسّة ولا يمكن إنكارها، إلى تحديث القطاع، إلى استخدام أساليب جديدة، إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة.هناك كمّ هائل من المعلومات العلمية، التي تراكمت في معهد البحوث الزراعية. هذه المعلومات يجب أن نُبسّطها، ويجب أن نُوصِلها إلى المزارع عبر الإرشاد الزراعي الوطني. وهذا الإرشاد الزراعي هو على رأس أولويات الوزارة".

اضاف: "نحن بحاجة إلى مزارع كفوء، مُتمكّن، قادر على التأقلم مع التحديات. نحن بحاجة إلى تسويق سهل، بسيط. نحن بحاجة إلى زراعة تعاقدية. سعر اصفيحة الزيت اليوم يناهز الـ 140-150$ وطبعا هذا قد  يكون استثناء. ونحن نريد أن نُنتِج زيت زيتون بجودة عالية، ولكن بكلفة معقولة، أقل من هذا السعر للسوق المحلي وللتصدير".

وقال: "علينا أن نتعاون مع المجلس العالمي للزيتون (Conseil Mondial de l'Olivier)... والمجلس العالمي للزيتون، الذي يشكل مظلة لكل الدول المنتجة للزيتون في العالم، إسبانيا وإيطاليا واليونان وتونس. لبنان يجب أن ينضم إلى هذه الدول  ويجب أن نكون ضمن هذه الدول".

وختم متمنيا  "أن نستهلك المزيد من زيت الزيتون وإذا استهلك اللبناني 13 لتراً مثل الإيطالي أو 24 لتراً مثل اليوناني، بدلاً من 5 ليترات، ربما لا نحتاج إلى أسواق خارجية."

طاولات عمل

ثم عقدت ثلاث طاولات عمل، الطاولة الاولى ترأستها المهندسة مريم عيد وتمحورت حول مناقشة واعتماد توصيات لجنة قطاع الزيتون وزيت الزيتون

الطاولة الثانية هي حلقة تذوّق حسّي لزيت الزيتون بإشراف المهندس داني باسيل والسيد فؤاد ونسا.

اما الطاولة الثالثة حول القيمة المضافة لشجرة الزيتون: الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. يسّرتها خبيرة التنمية المحلية الدكتورة نانسي مارون وشارك فيها كل من رئيسة مصلحة زراعة لبنان الشمالي المهندسة سناء الأبيض،  السيد وليد مشنتف ممثلا التجمع الوطني للزيتون وزيت الزيتون اللبناني لدى الحكومة، المهندس رشيد جعجع عضو مؤسس في جمعية حماية الزيتون المعمر Promolive،  المديرة العامة للمؤسسة الثقافية لتطوير طرق شجر الزيتون، مسار ثقافي معتمد من مجلس أوروبا مارينيلا كاتسيليري، رئيسة جمعية دروب بشعله المهندسة رانيا جعجع خواجة، رئيس فرع الزيتون وزيت الزيتون في مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية الدكتور ميلاد الرياشي.

اختُتم اللقاء بلقمة من المطبخ التراثي في بشعله، حيث تذوّق الحضور عينات من أطباق تقليدية ترتكز في مكوّناتها على الزيتون وزيت الزيتون، من إعداد سيدات البلدة في المطبخ المجتمعي.