أخبار ساخنة

ندوة لمجلس بيروت في المؤتمر الشعبي حول فكر كمال شاتيلا في ذكرى رحيله وكلمات نوهت بمسيرته


نظم مجلس بيروت في المؤتمر الشعبي اللبناني، لمناسبة الذكرى السنوية الثانية لرحيل كمال شاتيلا، ندوة حول فكره ونضاله ومواقفه، في فندق كومودور- الحمرا، بحضور حشد كبير من الشخصيات السياسية والإجتماعية والنقابية والمهنية وممثلي الأحزاب والقوى اللبنانية والفلسطينية، تقدمهم الشيخ بلال الملا ممثلاَ مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان.

افتتحت الندوة بالنشيد الوطني، ثم الوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة عن روح شاتيلا، وأدارها مسؤول مجلس بيروت في المؤتمر الدكتور عماد جبري بكلمة رحب فيها بالحضور، واستعرض مراحل من مسيرة شاتيلا، منذ ما قبل تأسيسه اتحاد قوى الشعب العامل، الى نضاله السياسي والوطني والقومي ومؤلفاته وبنائه المؤسسات النافعة، مؤكداً أن "الاخ كمال كان بعيداً كل البعد عن المدرسة الميكافيللية حيث الغاية تبرر الوسيلة، بل كان من انصار مدرىسة جمال عبد الناصر حيث تتكافأ الأساليب شرفاً مع الغايات، لذلك دفع ثمن مواقفه السياسية المبدئية ورفض عروضا كثيرة ومغريات عديدة، كما تعرض لعدة محاولات إغتيال وللاقامة الجبرية والنفي".

القصيفي

أول المتحدثين كان نقيب المحررين جوزيف القصيفي الذي وصف كمال شاتيلا ب"الظاهرة السياسية الشعبية التي استطاعت أن تكسر التقليد وتتخطى المألوف، متمكنة من ايصال أرثوذكسي ابن البربارة الى سدة النيابة في بيروت عام 1972، واسقط منافسه القطب المرشح على لائحة صائب سلام في عقر داره"، وقال: "لقد دفع الأخ كمال شاتيلا غالياً ثمن التزامه بالناصرية، وخاض المعارك في مواجهة اليمين واليسار معاً، والتي حملته في نهاية المطاف الى المنافي دون أن ينسى لبنانه وبيروته، وهو الذي آثر انتهاج الوسطية خطاً لايمانه بأن التطرف لا يقدم حلاً للمشكلات التي يعاني منها وطنه".

وتحدث باسهاب عن الحراك الطالبي في السبعينيات عندما تمكن الناصريون بقيادة كمال شاتيلا بالتعاون مع حركة الوعي المسيحية، من نسج تحالف نوعي عريض تحت شعار "الوحدة الوطنية الشعبية"، وتمكن من الفوز بانتخابات اتحاد طلاب الجامعة اللبنانية وحصد كامل مقاعد لجنته التنفيذية، وقد أدى هذا التعاون الى رعاية مصالح طلاب الجامعة والنضال من أجل ديمقراطية التعليم وانشاء الكليات التطبيقية، وكان كمال شاتيلا  الأكثر حرصاً على رعاية هذا التحالف ومده بكل أسباب النجاح والديمومة، حيث شكل هذا التحالف منصة للتفاعل اليومي بين أجيال شابة من بيئتين لبنانيتين مختلفتين، لكن هذه التجربة الناجحة لم تعمر بسبب اندلاع الحرب عام 1975 وما أنتجته من كوارث، وبالرغم من ذلك تبقى صورة كمال شاتيلا منطبعة في ذاكرة الكثيرين ممن عرفوه وخبروا طيب معدنه والتزامه الصادق بالقيم التي آمن بها وظل وفياً لها حتى الرمق الأخير من حياته".

غندور

وألقى رئيس "اللقاء الوحدوي الإسلامي" عمر غندور كلمة تحدث فيها عن تأسيس شاتيلا لاتحاد قوى الشعب العامل عام 1965 ورئاسته للجبهة القومية في لبنان منذ العام 1976 الى العام 1982، وقال: "كان الأخ كمال شاتيلا منتقداً للزعامات التقليدية، ولطالما دعا الى بناء المؤسسات وتعزيز حضورها، كما كان يعارض العمل الحزبي المتعصب، مفضلاً النقابات الحرة التى ترعى وتنظم المجتمع، وكان معارضاً لهضم أملاك أبناء بيروت في وسط المدينة من خلال شركة سوليدير".

وتطرق الى "مساهمة الأخ كمال في اقامة صلاة العيد في الملعب البلدي عام 1983 والتي ساهمت باسقاط اتفاق 17 أيار المعيب، وكان رحمه الله من المنادين بنبذ المشاحنات الطائفية، ومؤمناً بأن الوحدة الإسلامية هي ركيزة الوحدة الوطنية، وكان يتمتع بقوة شخصيته وصلابة مواقفه وجرأته وتعلقه بالعمل الإجتماعي، وقد أحبته بيروت وأحبها، وسيبقى في ذاكرتنا مشعلاً يقتدى ومثالاً يحتذى".

بشور

ولفت الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي معن بشور، في كلمته الى انه "في العام 1966 كنا والأخ كمال شاتيلا في موقعين مختلفين بل ومتناقضين، ولكن عندما تعرفنا الى ارتباطه واخوانه في اتحاد قوى الشعب العامل بفلسطين ارتباطاً نضالياً حقيقياً وليس مجرد شعارات فارغة، انتقلت العلاقة من التناقض الى التعاون والتكامل، ولا ننسى أن كمال شاتيلا ناضل بقوة من أجل طلاب لبنان وقاد ما يعرف وقتها بمعركة معادلة الشهادة الثانوية اللبنانية بالشهادات العربية، وكانت معركة وطنية كبرى سمحت لآلاف الطلاب اللبنانيين بالدخول الى الجامعات، معركة أكدت على عروبة لبنان، حيث كان الأخ كمال مؤمناً ان الطريق لخدمة العروبة يتم عبر التربية والتعليم، لذلك التف حوله آلاف الطلاب وانتج ظاهرة طالبية شعبية تحولت الى نجاح كاسح في انتخابات بيروت النيابية عام 1972".

وقال: "لم يكن كمال شاتيلا ظاهرة عابرة في تاريخ بيروت او لبنان او الامة، بل كان وكنا معه على علاقة وثيقة ومتينة حول العروبة وفلسطين، وقد تحمل وتحملنا الكثير بسبب تمسكنا بهذه العلاقة التي لا يمكن فصلها، وكانت تجربة كمال شاتيلا وأخوانه في هذين الموضوعين غنية على المستويات الفكرية والنضالية والسياسية، فما ما من تحرك في لبنان دعماً لفلسطين والقضايا العربية المحقة الا وكانوا في طليعة المشاركين،  مؤكدين ان علاقة لبنان بفلسطين  ليست عابرة ولا علاقة جغرافيا، بل علاقة مستقبل ومصير، فاذا انتصرنا على المشروع الصهيوني في لبنان انتصرت معه الامة، واذا انتصر الصهاينة على لبنان انتصروا على كل الامة".

السيد حسين

وتناول رئيس الجامعة اللبنانية السابق والوزير السابق الدكتور عدنان السيد حسين نضال شاتيلا الطالبي في الجامعة اللبنانية، ومواقفه الوطنية والقومية حيث كان أول من تحدث عن التكامل بين الوطنية والعروبة الحضارية، مشيراً الى أن "لا تعارض بين أن تكون وطنياً لبنانياً وملتزماً بالعروبة، لأن العروبة انتماء ولا دخل لها بالأنظمة سواء أصابت هذه الأنظمة أو أخطأت".

وإذ شدد على أن الوطنية هي نقيض الطائفية، تحدث حسين عن المؤسسات التي أسسها كمال شاتيلا، وأهم مواصفاتها انتشارها في كثير من المناطق اللبنانية، وليس انغلاقها، وتقدم الخدمات من دون أي تمييز، وأول هذه المؤسسات هيئة الاسعاف الشعبي التي لعبت دوراً كبيراً في عمليات الاسعاف والانقاذ والرعاية الصحية، واتحاد الشباب الوطني الذي كان هدفه الاهتمام بالتربية والتعليم وغرس القيم الأخلاقية في نفوس الناشئة وتنظيم النشاطات الهادفة والمفيدة لهم بعيداً من التعصب والتطرف والفساد والإفساد، الى الاتحاد النسائي الوطني للاهتمام بشؤون المرأة، ومجلة الموقف لنشر الفكر الوطني العروبي التوحيدي والتي تعتبر في كل أعداداها ومجلداته من أهم المراجع في الثقافة العربية الحضارية.

حديد

ختام الكلمات كانت لرئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال حديد الذي رحب بالحضور وقال: "لقد نشأ الاخ كمال شاتيلا في بيروت العاصمة العربية التي كانت تضج بالافكار والحركات وتفاعلات المرحلة من أواخر الاربعينيات وما حملته بعد استقلال لبنان من نجاح القوى الاستعمارية في عملية زرع الكيان الصهيوني العدواني في قلب الامة العربية، الى ثورة المعلم القائد جمال عبد الناصر عام 1952، وانتصار ثورات الجزائر واليمن والعراق، في هذه الاجواء تبلور وعي الاخ كمال العروبي المتحرر المعزز بخبراته الادارية والاجتماعية التي اكتسبها من مشاركته في الحركة الكشفية والفرق الرياضية، فشكل محوراً في حركة طلاب مدارس وروابط العمل فيها".

أضاف: "سافر الأخ كمال الى القاهرة لنيل الثانوية العامة التي ابعدتهم عنها العلامة اللاغية على اللغة الاجنبية في لبنان، وبعد العودة وجد أن الثانوية العامة المصرية وغيرها غير معترف بها في لبنان، فأطلق تحركاً شاملاً متواصلاً لنيل حق المعادلة، حيث نجح في استصدار قانون معادلة الشهادات العربية الثانوية بمثيلتها اللبنانية.. وكانت التجربة فاتحة مشجعة ودرساً عملياً على أهمية النضال في تحقيق المطالب، وتجسد صدى نداء القائد جمال عبد الناصر عن الحركة العربية الموحدة بإعلان تأسيس اتحاد قوى الشعب العامل اقتناعاً بأن هذه القوى المنتجة والمحرومة تشكل بأغلبيتها القاعدة الديمقراطية صاحبة المصلحة في النضال الاجتماعي والتحرري المطلوب في اطار الحركة العربية الواحدة".

وتابع: "لقد تمكن الاتحاد بقيادة الاخ كمال شاتيلا ومبادرته ومثابرته وسهره من بناء أجيال من الكوادر الثقافية العروبية والقواعد العملية والنظامية لحركة النضال النابعة من التجربة الذاتية والتجارب المماثلة، واطلاق حركة شعبية شاملة بين فصائل قوى الشعب العاملة عابرة للمناطق والطوائف المذاهب، وتمكنت في فترة زمنية وجيزة من تسجيل أول اختراق من قوة شعبية منظمة للندوة البرلمانية بأصوات باهرة من ابناء العاصمة بيروت في انتخابات العام 1972. وكان التحدي الكبير في مواجهة الحرب الاهلية ومراميها المدمرة للوحدة الوطنية بحواجز الدم والموت. وارتفع صوت الاخ كمال مدوياً في كل ارجاء الوطن داعياً لوقف هذه الحرب ومعالجة اسبابها بالاصلاح والمساواة ودعم كل المبادرات المحلية والعربية لوقفها مهما كلف ذلك، وكانت دعوته على رأس حملة المطالبات بالاصلاح وترسيخ البنيان الوطني حتى حصل اتفاق الطائف الذي حسم هوية لبنان وانتمائه العربي، وأقر الاصلاح الاداري والسياسي، وأكد على  المساواة بالمواطنة وتثبيت وحدة لبنان واستقلاله وطناً لكل بنيه".

وختم: "كان الاخ كمال شاتيلا رحمه الله نوراً ساطعاً على طريق النهوض الوطني والعربي، وسياسياً بارعاً وحليفاً ملتزماً لكل شريك في معركة وطنية ولم يكن تابعاً او مرتبطاً لمنفعة ذاتية، ولم يبعده المنفى لعشرات السنين عن مؤسساته وساحة نضاله، وظل قيمة نضالية وطنية وقومية صافية، ذكراك خالدة ايها القائد المؤسس، ومؤسساتك مستمرة على خطك النضالي الوطني العروبي التقدمي عبر الاجيال لتحقيق الأهداف السامية في الحرية والوحدة والتقدم".

الى ذلك وردت الى الندوة برقيات بالمناسبة من نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي، العميد الدكتور ساسين عساف، رئيس لجنة احياء مئوية جمال عبد الناصر مجدي زعبل، المهندس أحمد مختار خالد، الكاتب والاعلامي قاسم قصير، رئيس جمعية "أدباء عمان" المهندس سعيد صقلاوط، وسعد الدين خضر شاتيلا.