
هكذا ، وبلهجة صادِمة نقول : إذا فشِلَ هذا العهد ، أوْ فشّلوه ، بما يتمتّع منْ دعمٍ لبناني وعربي ودولي عارم ، فلن يكون الفراغ الرئاسي من بعده شبيهاً بما كان في العهود السابقة ، ولن تتفرّغ لنا القوى الدولية ، تستعطف خاطرَنا ، تستجدي قياداتنا ، تستنهض انهزامَنا ، تستصرخ وطنـيّتنا ، توصلاً إلى انتخاب الرئيس الخلف .
إنّ القوى الدولية ، قد سئمتْ من هذا المخاض العسير ، وهذا الهذيان المطّـاط الذي يسود سلوكَنا السياسيَّ والشرعي ، وإنها ستغسلُ أيديها من هذا الصدّيق البريء الذي إسمه لبنان ، وتتركه ينساقُ مضَّرجاً إلى الجلجة.
بعبارةٍ أوضح ، إنَّ فشَل هذا العهد إذا حصل ، بسبب قيام الإنشقاق العمودي الذي يقسم الدولة من أعلى إلى أسفل في اتجاهين معاكسين ، فلن يؤدّي ذلك إلى عهد جديد ، بل إلى عدم وجود عهد ، وعدم وجود عهد يعني عدم وجود دولة .
قبل دستور الطائف كان رئيس الجمهورية يتحمّلُ مسؤولية الفشل والنجاح، لأن الصلاحيات التنفيذية كانت محصورة بسلطته ، وبعد الطائف الذي حصرَ الصلاحيات التنفيذية بالحكومة فقد أصبح نجاح الحكم أو فشله مرتبطاً بنجاح الحكومة أو فشلها .
هذا يعني ، أنّ على الحكم أنْ يختار معاونيه ، وأن يدعم حكمَهُ بالركائز الحكومية الأمنية والقضائية والإدارية المتآلفة مع خطاب القسم ، حتى لا تشكّل خللاً وظيفياً أو مشاكسةً لمسيرة الحكم ، بفعل الوصاية أو الأوصياء .
حتى المسيح ، في تجرُّدِه اللاّمتناهي قد اختار ثلاثة من تلاميذه : بطرس ويعقوب ويوحنا في تجلّيـهِ على الجبل .
الحاكم ، أيُّ حاكم لا تتهَّيـأ لـهُ فرصُ النجاح إذا كانت الآلـة الحكومية متنافرة فيما بينها أو خارجة على سلطته .
أليسَ هذا ما كنّا نعانيه على مدى العهود السابقة ...؟
الأنظمة الرئاسية كما في الولايات المتحدة ، تمارس ما يُعرف "بنظام المغانم" الذي أقـرّه الرئيس "اندره جاكسون" والذي يسمح للحزب الفائز بأن يستولي على جميع الوظائف والمناصب الحكومية ...
والنظام الديكتاتوري تتغيّـر معه الآلـةُ الحاكمة بدحرجة الرؤوس المعارضة ...
والنظام الديمقراطي إذا سادت فيه الفوضى السياسية والدستورية والأمنية، ينقلب إلى ديكتاتورية مقنّعـة ...
الديمقراطية عندنا على هشَاشَتها نبرّرها بديمقراطية مشوّهة ، ونسمّيها الديمقراطية التوافقية ، فيما الأمر يحتاج إلى نوع من الديمقراطية الصارمة ، أوْ إلى نوع من الإستبداد العادل الذي يترجمه الفيلسوف الفرنسي "باسكال" بالقول: "القوّة دون عـدل ظلم ، والعدل دون قـوّة عجز ، يجب الجمعُ بين العدل والقوّة، والعمل على أن يكون العادل قوّيـاً ، والقويّ عادلاً ..."
على مدى السنين الخوالي ، ونحن نحلم بأن يكون عندنا دولة كمثل سائر الشعوب والأمم ...
أتستغربون إذا قلت : إنّ ما نطمح إليه من إصلاحات في لبنان لا يزال مسمَّراً في التاريخ منذ الحكومة الإستقلالية الأولى ...؟البيان الوزاري لحكومة الإستقلال الأولى : 7 تشرين الأول 1943 دعا فيه الرئيس رياض الصلح إلى : "الإصلاح الإداري ، إستقلال القضاء ، دعم المرأة ، إصلاح قانون الإنتخاب ، معالجة الحالة الطائفية التي تعرقل التقدم الوطني وتشوّه سمعة لبنان ..."
ومنذ 82 عاماً ، لا نزال نجتـرّ هذه الإصلاحات في كلّ بيان وزاري ، وتبقى الدولة عندنا كما يقول "إبن خلدون" : "هذه دولةٌ على المجاز أيْ إنّ لها إسمَ الدولة ."
ولا نزال نتباكى على ضريح الدولة ونستسلم لهواجس الحرب الأهلية كأنها مرضٌ عصبي ومذهبي وموسمي .
لعلّ هناك فرصـةً مع هذا العهد تحمل بعضاً من بشائر الأمـل ، فلا تُسقطوا هذه الفرصة التاريخية ، ولا تجعلوا التاريخ مـرّة جديدة يموت بالسكتة القلبية ، وأنتم تكتبون شهادة الوفاة .
عن جريدة الجمهورية : 21/3/2025
إنّ القوى الدولية ، قد سئمتْ من هذا المخاض العسير ، وهذا الهذيان المطّـاط الذي يسود سلوكَنا السياسيَّ والشرعي ، وإنها ستغسلُ أيديها من هذا الصدّيق البريء الذي إسمه لبنان ، وتتركه ينساقُ مضَّرجاً إلى الجلجة.
بعبارةٍ أوضح ، إنَّ فشَل هذا العهد إذا حصل ، بسبب قيام الإنشقاق العمودي الذي يقسم الدولة من أعلى إلى أسفل في اتجاهين معاكسين ، فلن يؤدّي ذلك إلى عهد جديد ، بل إلى عدم وجود عهد ، وعدم وجود عهد يعني عدم وجود دولة .
قبل دستور الطائف كان رئيس الجمهورية يتحمّلُ مسؤولية الفشل والنجاح، لأن الصلاحيات التنفيذية كانت محصورة بسلطته ، وبعد الطائف الذي حصرَ الصلاحيات التنفيذية بالحكومة فقد أصبح نجاح الحكم أو فشله مرتبطاً بنجاح الحكومة أو فشلها .
هذا يعني ، أنّ على الحكم أنْ يختار معاونيه ، وأن يدعم حكمَهُ بالركائز الحكومية الأمنية والقضائية والإدارية المتآلفة مع خطاب القسم ، حتى لا تشكّل خللاً وظيفياً أو مشاكسةً لمسيرة الحكم ، بفعل الوصاية أو الأوصياء .
حتى المسيح ، في تجرُّدِه اللاّمتناهي قد اختار ثلاثة من تلاميذه : بطرس ويعقوب ويوحنا في تجلّيـهِ على الجبل .
الحاكم ، أيُّ حاكم لا تتهَّيـأ لـهُ فرصُ النجاح إذا كانت الآلـة الحكومية متنافرة فيما بينها أو خارجة على سلطته .
أليسَ هذا ما كنّا نعانيه على مدى العهود السابقة ...؟
الأنظمة الرئاسية كما في الولايات المتحدة ، تمارس ما يُعرف "بنظام المغانم" الذي أقـرّه الرئيس "اندره جاكسون" والذي يسمح للحزب الفائز بأن يستولي على جميع الوظائف والمناصب الحكومية ...
والنظام الديكتاتوري تتغيّـر معه الآلـةُ الحاكمة بدحرجة الرؤوس المعارضة ...
والنظام الديمقراطي إذا سادت فيه الفوضى السياسية والدستورية والأمنية، ينقلب إلى ديكتاتورية مقنّعـة ...
الديمقراطية عندنا على هشَاشَتها نبرّرها بديمقراطية مشوّهة ، ونسمّيها الديمقراطية التوافقية ، فيما الأمر يحتاج إلى نوع من الديمقراطية الصارمة ، أوْ إلى نوع من الإستبداد العادل الذي يترجمه الفيلسوف الفرنسي "باسكال" بالقول: "القوّة دون عـدل ظلم ، والعدل دون قـوّة عجز ، يجب الجمعُ بين العدل والقوّة، والعمل على أن يكون العادل قوّيـاً ، والقويّ عادلاً ..."
على مدى السنين الخوالي ، ونحن نحلم بأن يكون عندنا دولة كمثل سائر الشعوب والأمم ...
أتستغربون إذا قلت : إنّ ما نطمح إليه من إصلاحات في لبنان لا يزال مسمَّراً في التاريخ منذ الحكومة الإستقلالية الأولى ...؟البيان الوزاري لحكومة الإستقلال الأولى : 7 تشرين الأول 1943 دعا فيه الرئيس رياض الصلح إلى : "الإصلاح الإداري ، إستقلال القضاء ، دعم المرأة ، إصلاح قانون الإنتخاب ، معالجة الحالة الطائفية التي تعرقل التقدم الوطني وتشوّه سمعة لبنان ..."
ومنذ 82 عاماً ، لا نزال نجتـرّ هذه الإصلاحات في كلّ بيان وزاري ، وتبقى الدولة عندنا كما يقول "إبن خلدون" : "هذه دولةٌ على المجاز أيْ إنّ لها إسمَ الدولة ."
ولا نزال نتباكى على ضريح الدولة ونستسلم لهواجس الحرب الأهلية كأنها مرضٌ عصبي ومذهبي وموسمي .
لعلّ هناك فرصـةً مع هذا العهد تحمل بعضاً من بشائر الأمـل ، فلا تُسقطوا هذه الفرصة التاريخية ، ولا تجعلوا التاريخ مـرّة جديدة يموت بالسكتة القلبية ، وأنتم تكتبون شهادة الوفاة .
عن جريدة الجمهورية : 21/3/2025