
هي تسوية ديبلوماسية يُعمَل عليها لإخراج الجبهة الجنوبية للبنان من المواجهة، ومن التدهور العسكري الكبير. وتسوية تسابق الوقت مع الصواريخ والمسيّرات والغارات والقنابل، وقبل أن تتسبّب أي ضربة بانفلات لا يمكن السيطرة عليه.
هادىء...؟؟؟
ولكن هل يمكن للبنان أن يجد "نفسه الضائعة" منذ سنوات، بفعل تلك التسوية الديبلوماسية؟ وهل سيُفيده تطبيق الإصلاحات مستقبلاً كمقدّمة لاستعادة العافية المالية والاقتصادية، في ما لو تعاطى الجميع معه على أساس أنه هادىء اليوم بتسوية، وذلك قبل أن يشتعل مجدّداً بعد أعوام، ليُصبح بحاجة الى حلّ سياسي جديد؟
"الطائف"
يشدّد النائب السابق محمد الحجار على أنه "يمكن لأوضاعنا أن تستقيم إذا تمّ الالتزام لبنانيّاً بما اتُّفِقَ لبنانياً على الالتزام به، أي تطبيق اتفاق الطائف".
وذكّر في حديث لوكالة "أخبار اليوم" بأن "الطائف هو اتّفاق وضع خريطة طريق للانتقال بلبنان من مرحلة إنهاء الحرب الأهلية الى مرحلة الدولة المدنية السيّدة والحرّة والمستقلّة على كامل أراضيها، بموازاة رؤية لكيفية الخروج من الطائفية والمذهبية في النظام اللبناني، ونقله الى الدولة العصرية. وكان للرئيس الشهيد رفيق الحريري همّة كبيرة في التوصّل الى هذا الاتّفاق، وفي ضرورة تطبيقه، برعاية عربية ودولية".
استراتيجية دفاعية
وأشار الحجار الى أن "طالما أن هذا الاتفاق الذي أصبح دستوراً لم يُنفَّذ، فهذا يعني أن لا التزام وطني بالقيام بما يلزم للخروج من النفق ، وأننا سنتّجه من مشكلة الى أخرى، ومن أزمة الى أخرى".
وأوضح:"مثلاً ، عندما يتحدث الطائف عن سيادة الدولة ومؤسّساتها على الأراضي اللبنانية، فهذا يعني في نهاية المطاف وجوب وضع قرار الحرب والسلم بيد الدولة. وعندما يتحدث عن الإنماء المتوازن، فهذا يعني تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتأمين مستلزمات هذا الإنماء . الإلتزام بالنصوص الدستورية وتنفيذ بنود الطائف توصل البلد إلى بر الأمان وتسمح لأي لبناني بالتباهي بلبنانيّته، وبأنه مواطن في دولة قادرة على أن تقوم بالمطلوب منها. ولكن للأسف، نحن ننتقل اليوم من أزمة الى أخرى لأن هناك من لا يريد الإلتزام بما يُتّفِقَ عليه . والأمر ليس محصورا فقط بالطائف ، فمثلاً لم يتم الإلتزام بمقررات أخرى إن كان في طاولة حوار ال ٢٠٠٦ أو في إعلان بعبدا ٢٠١٢ . في حوار ٢٠٠٦ تهرب "حزب الله" من الالتزام باستراتيجية دفاعية تحت ذرائع عدّة، ولا يزال هذا الرفض على حاله حتى الساعة، وكذلك فيما خص اعلان بعبدا حين دعى رئيس كتلة حزب الله البرلمانية ، الذي كان قد وافق في بعبدا على البيان - الإعلان ، إلى "بلّ بيان بعبدا وشرب ميتو".
وأضاف:و"قرار "الحزب" بفتح جبهة الحدود الجنوبية بمعزل عن قرار الدولة، هو من أشكال عدم الاتّفاق والالتزام باستراتيجية دفاعية يمكن بموجبها الاستفادة من قدرات المقاومة من جهة، ودمجها ضمن الدولة اللبنانية والجيش اللبناني والمؤسّسات اللبنانية الشرعية من جهة أخرى، بما يُبقي قرار الحرب والسّلم بيد الدولة. وبغياب هكذا استراتيجية ، يبقى حضور الدولة في الجنوب صورياً وغبّ الطلب".
خريطة طريق...
وأكد الحجار أن "إيران ليست عدوّتنا، بل العدو الإسرائيلي هو العدو الأساسي لنا كعرب ولبنانيين. ولكننا نرفض أن تنفّذ طهران مشروعها وحروبها في المنطقة على حساب الحق العربي واللبناني، وعلى حساب النظام العربي. أذرع إيران تخدم مشروع ولاية الفقيه، وهي تفاخر بذلك، والتوجيهات تأتيها منها. وما يحصل في الجنوب اليوم هو من ضمن هذه السياسة وهذا التوجّه . وبالتالي، ونتيجة للمفاوضات المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران ، وعندما تتّخذ القيادة في طهران القرار بوقف المواجهة في الجنوب، سيتوقف كل شيء "
وختم:"إذا لم نطبّق اتّفاق الطائف، وإذا لم نلتزم بمفهوم الدولة وبمستلزمات بناء الدولة الواردة فيه، فسنسير نحو الأسوأ ، مع "ترقيعات" من دون حلول. تطبيق الطائف هو خريطة طريق الحلّ للبنان".